يقول رحمه الله: (وليس لأولياء الله شيء يتميزون به عن الناس في الظاهر من الأمور المباحات، فلا يتميزون بلباس دون لباس؛ إذا كان كلاهما مباحاً).
والقاعدة: أن المباح إنما يكون مباحاً إذا عومل على أنه مباح، وأما إذا عومل على أنه واجب فهذا بدعة، وجاء الابتداع من جعل المباح واجباً، كما أنه يأتي من جعل الحلال حراماً، فلو جاء أحد وجعل هذا المباح حراماً كما حرم أهل الجاهلية الوصيلة والسائبة والحام وغيرها؛ فهذا فيه تحريم لما أحل الله، وهذا ابتداع عظيم في الدين، وقد بين الله ذلك في الحديث القدسي من حديث عياض بن حمار : ( كل مال نحلته عبداً حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء، فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم )، فهؤلاء أتوا بهذه البدع من السائبة والوصيلة وغيرها كما ذكر الله في القرآن، وكذلك قتلهم أولادهم بغير حق وما إلى ذلك.
وحتى لو كان من المباح فجعلوه واجباً فهو أيضاً بدعة، وهو افتراء على الله، فما جعله الله مباحاً فهو مباح، ولا يجوز لك أن تجعله حراماً، ولا أن تجعله واجباً.
فإذا كان اللباس مباحاً لا يصح أن نجعل هذا النوع لطبقة معينة، مثل أن نقول: إن البشت الأسود للكبار، وإذا كان بنياً فهو لطلبة العلم، فهذا الترتيب حرام وابتداع، ولكن ليلبس الإنسان ما شاء.